فهذا تعداد لمذاهب أئمة الإسلام الفقهية، ذكره عبد الوهاب بن أحمد الشعراني (ت 973 هـ) في
كتابه " الميزان الشعرانية المدخلة لجميع أقوال الأئمة المجتهدين ومقلّديهم في الشريعة المحمديّة " (1/52)، حيث أورد مثالاً للشريعة المحمديّة ومذاهبها الفقهية قال فيه " مثال عين الشريعة المطهّرة التي يتفرّع منها كل قول من أقوال المجتهدين ومقلّديهم إلى يوم القيامة، ومثال مذاهب جميع المجتهدين المندرسة والمستعملة مثال الخطوط الشارعة إلى العين الوسطى في سائر الجوانب "، وقال الشعراني : " فمن تأمّل في ذلك عرف ما أردناه بقولنا إنه ليس مذهب أولى بالشريعة من مذهب لرجوعها كلّها إلى عين واحدة " .
وها
هي مذاهب المجتهدين التي ذكرها
مذهب
عبد الله بن مسعود ( ت 32 هـ
مذهب
عائشة رضي الله عنها ( ت 57 هـ
مذهب
عبد الله بن عمر ( ت 73 هـ
مذهب
عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ( ت 101 هـ
مذهب
مجاهد ( ابن جبر، توفي بعد المئة هجرية بقليل
مذهب
الشعبي ( عامر بن شراحيل، توفي بعد المئة هجرية بقليل
مذهب
عطاء ( ابن أبي رباح، ت 114 هـ
مذهب
الأعمش ( سليمان بن مهران، ت 147 أو 148 هـ
مذهب
الإمام أبي حنيفة ( النعمان بن ثابت، ت 150 هـ
مذهب
سفيان الثوري ( ت 161 هـ
مذهب
الإمام الليث ( ابن سعد، ت 175 هـ
مذهب
الإمام مالك ( ابن أنس، ت 179 هـ
مذهب
سفيان بن عيينة ( ت 198 هـ
مذهب
الإمام الشافعي ( محمد بن إدريس، ت 204 هـ
مذهب
إسحاق ( ابن إبراهيم بن راهويه، ت 238 هـ
مذهب
الإمام أحمد ( ابن حنبل، ت 241 هـ
مذهب
الإمام داود ( ابن علي الظاهري، ت 270 هـ
مذهب
محمد بن جرير ( الطبري، ت 310 هـ
انتهى
قال أبو معاوية البيروتي
- عفا الله عنه - : فات الشعراني ذكر مذهب الإمام عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ( ت
157 هـ )، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (7/117)
: " كان للأوزاعي مذهب مستقل عمل به فقهاء الشام مدّة، وفقهاء الأندلس مدّة،
ثم فني "، وقال عبد الباسط الفاخوري في "
تحفة الأنام مختصر تاريخ الإسلام " (ص 82) : " وقد بقي أهل الشام
وما يليها وأهل الأندلس يتعبّدون على مذهبه نحو مئتين وعشرين سنة "
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ( 8/91 ) - بعد أن ذكر أئمة التابعين ومن أتى بعدهم، وذكر أصحاب المذاهب الفقهيّة السابق ذكرهم - :
ثم من بعد هذا النمط تناقص الاجتهاد، ووُضِعَت المختصرات، وأخلد الفقهاء إلى التقليد من غير نظر في الأعلم، بل بحسب الاتفاق، والتشهّي، والتعظيم، والعادة، والبلد، فلو أراد الطالب اليوم أن يتمذهب في المغرب لأبي حنيفة لَعَسُرَ عليه، كما لو أراد أن يتمذهب لابن حنبل ببخارى وسمرقند لَصَعُبَ عليه، فلا يجيء منه حنبلي، ولا من المغربي حنفي، ولا من الهندي حنفي .....
وكذلك اشتهر مذهب الأوزاعي مدّة، وتلاشى أصحابه، وتفانوا،
وكذلك مذهب سفيان وغيره ممّن سمّينا،
ولم يبقَ اليوم إلاّ هذه المذاهب الأربعة، وقلّ من ينهض لمعرفتها كما ينبغي فضلاً عن أن يكون مجتهداً،
وانقطع أتباع أبي ثور بعد الثلاث مئة،
وأصحاب داود إلا القليل،
وبقي مذهب جرير إلى ما بعد الأربع مئة،
وللزيدية مذهب في الفروع بالحجاز وباليمن، لكنه معدود في أقوال أهل البدع؛ كالإمامية،
ولا بأس بمذهب داود، وفيه أقوال حسنة، ومتابعة للنصوص، مع أن جماعة من العلماء لا يعتدّون بخلافه، وله شذوذ في مسائل شانت مذهبه .
والله أعلم