أهمية معرفة
التاريخ الرواة
بسم الله الرحمن الرحيم
:قال أبو عمرو عثمان
بن عبد الرحمن الشهرزوري
وفيها معرفة وفيات الصحابة
والمحدثين والعلماء ، ومواليدهم ، ومقادير أعمارهم ، ونحو ذلك .
روينا عن سفيان الثوري أنه
قال : " لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ " ، أو كما قال .
وروينا عن حفص بن غياث أنه
قال : " إذا اتهمتم الشيخ ، فحاسبوه بالسنين " ، يعني احسبوا سنه وسن
من كتب عنه .
وهذا كنحو ما روينا عن
إسماعيل بن عياش قال : " كنت بالعراق ، فأتاني أهل الحديث ، فقالوا : هاهنا
رجل يحدث عن خالد بن معدان ، فأتيته ، فقلت : أي سنة كتبت عن خالد بن معدان ؟
فقال : سنة ثلاث عشرة - يعني ومائة - ، فقلت : أنت تزعم أنك سمعت من خالد بن
معدان بعد موته بسبع سنين ؟ قال إسماعيل : مات خالد سنة ست ومائة " .
قلت : وقد روينا عن عفير بن
معدان قصة نحو هذه جرت له مع بعض من حدث عن خالد بن معدان ، ذكر عفير فيها أن
خالدا مات سنة أربع ومائة .
وروينا عن الحاكم أبي عبد
الله قال : " لما قدم علينا أبو جعفر محمد بن حاتم الكشي ، وحدث عن عبد بن
حميد ، سألته عن مولده ، فذكر أنه ولد سنة ستين ومائتين ، فقلت لأصحابنا : سمع هذا
الشيخ من عبد بن حميد بعد موته بثلاث عشرة سنة " .
وبلغنا عن أبي عبد الله
الحميدي الأندلسي أنه قال ما تحريره : " ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب
تقديم التهمم بها : العلل ، وأحسن كتاب وضع فيه " كتاب الدارقطني " ،
والمؤتلف والمختلف ، وأحسن كتاب وضع فيه " كتاب ابن ماكولاء " ، ووفيات
الشيوخ ، وليس فيه كتاب " .
:قلت : فيها غير
كتاب ، ولكن من غير استقصاء وتعميم
وتواريخ المحدثين مشتملة على
ذكر الوفيات ، ولذلك ونحوه سميت تواريخ ، وأما ما فيها من :الجرح والتعديل
ونحوهما فلا يناسب هذا الاسم ، والله أعلم
[علوم الحديث لابن الصلاح ص. ٣٨٠-٣٨٢]
قال الشيخ الدكتور حاتم
بن عارف الشريف:
ولمعرفة المولد والوفاة فوائد
من أهمها: التثبت من عدم وجود سقط ظاهر في الإسناد، والسقط قد يكون قديماً، أي أن
حقيقة الرواية منقطعة من الأساس، ولا توجد في المصنفات إلا منقطعة ولا تُعرف إلا
بذلك السقط، وقد يكون السقط حديثاً أي مطبعياً أو أثناء نسخ المخطوطة سقط من
الناسخ، فالنظر في المواليد والوفيات للرواة يقينا من أن يخفى علينا سقطٌ وقع في إسناد
أحد الأحاديث؛ لأن السقط الظاهر الجلي في الإسناد يُدرك ويُعلم من خلال عدم إدراك
الراوي لمن روى عنه في الزمن وعدم معاصرته له، ولذلك اعتنى العلماء بتقييد سنوات
الوفيات والولادة، لكن للأسف الشديد أنه لم يعتن علماء القرن الأول والثاني
والثالث بالتأليف في هذا الباب مع عنايتهم بالعلم بقضاياه، وكانوا يعتمدون في نقل
هذه القضايا على الرواية الشفهية، فلما تطاول الزمن اعتنى العلماء في القرن الرابع
الهجري بتقييد تواريخ الوفيات والمواليد، ومن أجل ذلك تجد أن العلماء اختلفوا
كثيراً في تواريخ وفيات الصحابة، ومن باب أولى في سنوات ولادتهم بخلاف القرن
الرابع والخامس فلا يكاد يُختلف في تعيين وفيات وولادة علمائها، فكلما تقدم الزمن
كان الخلاف في التواريخ أكثر، وكلما تأخر الزمن عن القرن الأول كلما قلّ الخلاف
وانضبطت تواريخ .الولادة والوفاة
[التخريج ودراسة
الأسانيد ١/٧٠]
:قال الشيخ العلامة
عبد الرحمن بن يحيى المعلمي
أن يعرف تاريخ
ولادة صاحب الترجمة و تاريخ وفاته تقريبا إذا لم يعرف تحقيقا
مثاله بكير بن عامر البجلي ،
لم يعلم تاريخ ولادته ولا وفاته و لكن روى عن قيس بن أبي حازم ، و روى عنه وكيع و
أبو نعيم ، و وفاة قيس سنة 98 ، و مولد وكيع سنة 128 ، و مولد أبي نعيم سنة 130 ،
و هؤلاء كلهم كوفيون ، و قد ذكر ابن الصلاح و غيره أن عادة أهل الكوفة أن لا يسمع
أحدهم الحديث إلا بعد بلوغه عشرين سنة ، فمقتضى هذا أن يكون عمر بكير يوم مات قيس
فوق العشرين ، فيكون مولد بكير سنة 78 أو قبلها ، و يعلم أن سماع وكيع و أبي نعيم
من بكير بعد أن بلغا عشرين سنة ، فيكون بكير قد بقي ...حيا إلى سنة 150 ،
فقد عاش فوق سبعين سنة . و هناك فوائد أخرى
والله أعلم بالـصـواب