(
منهج ابن ماجه في ترتيب أحاديثه )
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ,
أما بعد :-
فهذا بحث أقدمه بين يديكم بعدما استقرأ مني وقتاً طويلاً , وجهداً بليغاً , وسهراً واستقراءً شاقاً, وذلك لأن سنن ابن ماجه لم تخدم كمال الخدمة كما سيذكر بعد قليل , ولقد جعلني استقرائي وبحثي أضيف في بحثي مما ليس منه ولعلي أوفر جهد غيري في بعضه رغبة في النفع والفائدة , ومع ذلك فإن جهدي قاصر أمام عيني , والله اسأل أن يزيدنا من فضله , ويبارك لنا في عملنا , إنه ولي ذلك والقادر عليه , ورحم الله كاتبه وقارئه وناشره .
&ابن ماجه :-هو الإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه الربعي القزويني الحافظ ، ولد سنة 209هـ , وتوفي سنة 273 هـ .
& ابن ماجه كأصحاب السنن الثلاثة لم يشترط في كتابه أيراد الحديث الصحيح فقط , بل أدرج فيها الصحيح والحسن والضعيف , ووقعت له بضعة أحاديث موضوعة لا يصح نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
& بدأ المؤلف في مقدمة كتابة ( باب إتباع السنة ) وأدرج معها 26 باباً تضمنت الكلام على اتباع السنة ونبذ البدع والتمسك بالآثار واطراح الرأي , كما تضمنت باباً كبيراً في فضائل الصحابة , فبدأ بالصديق ثم باقي الخلفاء الأربعة ثم باقي العشرة ثم باقي الصحابة , وقد أتت هذه الفضائل مرتبة تحت عناوين فرعية , فيقول : ( فضائل فلان ) , ثم ختم هذا الكتاب بعدة أبواب في فضائل العلم .
أول ما بدأ به , حديث :-
- (صحيح ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ما أمرتكم به فخذوه . وما نهيتكم عنه فانتهوا ) .
قال السيوطي في شرح سنن ابن ماجه : ((وهذا أحسن بالترتيب حيث بدأ بأبواب اتباع السنة إشارة الى ان التصنيف في جمع السنن أمر لا بد منه وتنبيها للطالب على أن الاخذ بهذه السنن من الواجبات الدينية ثم عقب هذه الأبواب أبواب العقائد من الإيمان والقدر لأنها أول الواجبات على المكلف ثم عقب بفضائل الصحابة لأنهم مبلغوا السنن إلينا فما لم يثبت عدالتم لا يتم لنا العلم بالسنن والاحكام ))
- ثم شرع المؤلف بعد ذلك يسوق الكتب : كتاب الطهارة – وقد أفرد تحته أبوب التيمم – ثم كتاب الصلاة , ثم كتاب الأذان , ثم كتاب المساجد , .... , وختم بكتاب الزهد – وختم فيه باب صفة أهل الجنة – رجاء أن يدخله الله بعمله هذا الجنة – وآخره ذكر حديث :-
- ( صحيح ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن سنان قالا ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( مامنكم من أحد إلا له منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار . فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله . فذلك قوله تعالى أولئك هم الوارثون ) .
& السبب الرئيسي لإدخال سنن ابن ماجةفي الأصول هو دقة ترتيبه وكثرة أبوابهوعدم تكرار الأحاديث فيه ، فهو يشبه صحيح مسلمفي عدم تكرار أحاديثه .
& ثلاثيات ابن ماجه-:
وعددها5، وكلها من طريق شيخه جبارة بن مغلس ، ولولا ضعف شيخه جبارةلارتفعت منزلة سننه بهذه الثلاثيات ، ولكنها كلها لا تصح لأنها جاءت من هذهالطريق الضعيفة ، وكلها جاءت بإسناد واحد من طريق جبارة بن مغلس عن كثيربن سليم عن أنس رضي الله عنه .
& وهو يروي عن شيوخه بصيغة "حدثنا" ,كما في الأمثلة التي ستذكر .
& كما يلاحظ أن ابن ماجة كان إذا كررالحديث فإنما يكرره في الباب نفسه لبيان اختلاف في السند أو المتن، ولتتقوىالأحاديث في الموضوع الواحد , مثال :-
باب التغليظ في تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم
- (صحيح ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وسويد بن سعيد وعبد الله بن عامر بن زرارة وإسماعيل بن موسى قالوا حدثنا شريك عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال
: - قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
- (صحيح) حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب حدثنا هشيم عن أبي الزبير عن جابر قال
: - قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
& وأيضاً تميز ابن ماجه بفقهه, وترجم الباب بما استنبطه من الأحاديث , ولعله فاق غيره من أصحاب السنن في ذلك , ومن ذلك :-
في باب الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه :-
- ( صحيح ) حدثنا هشام بن عمار . حدثنا عيسى بن يونس . حدثنا الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن المغيرة بن شعبة قال : - خرج النبي صلى الله عليه و سلم لبعض حاجته . فلما رجع تلقيته بالإداوة . فصببت عليه فغسل يديه ثم غسل وجهه ثم ذهب يغسل ذراعيه فضاقت الجبة فأخرجهما من تحت الجبة . فغسلها ومسح على خفيه ثم صلى بنا .
& وقد يورد ترجمة الباب بصيغة السؤال, فيقول :-
باب الرجل يستيقظ من منامه هل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها ؟
- ( صحيح ) حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي . حدثنا الوليد بن مسلم . حدثنا الأوزاعي . حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما حدثاه أن أبا هريرة كان يقول
: - قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إذا استيقظ أحدكم من الليل فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثا فإن أحدكم لا يدري فيم باتت يده ) .
& وقد ذكر الدكتور عبد العزيز عزت في رسالته (الإمام ابن ماجة صاحب السنن( إعتناء ابن ماجةبتبيين الغرائب في كتابه :
وصنيع ابن ماجةفي هذا الموضع يشبه صنيع الترمذي، الذي حكم على أحاديثخرجها في جامعه ، بالغرابة والضعف ، ومن أبرز الأمثلة على ذلك :
¨ ما رواه ابن ماجة، في باب العفو عن القاتل ، من طريق أبي عمير عيسى بنمحمد بن النحاس ، وعيسى بن يونس والحسين بن أبي السرى العسقلاني ، قالوا : حدثنا ضمرة بن ربيعة عن ابن شوذب عن ثابت البنانيعن أنس رضي الله عنه قال : أتى رجل بقاتل وليه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلىالله عليه وسلم : اعف ، … الحديث ، فقد علق ابن ماجة، بقوله : هذا حديثالرمليين ليس إلا عندهم ، فهو ينبه على تفرد الرمليين بهذا الحديث ، وفيهذا إشعار بضعف الحديث ولا شك .
¨ ما رواه ابن ماجة، في باب كل مسكر حرام ، من حديث يونس بن عبد الأعلىعن ابن وهب عن خريج بن أيوب بن هاني عن مسروق عن ابن مسعود رضي الله عنهمرفوعا : كل مسكر حرام ، فقد علق ابن ماجةعلى هذا الحديث بقوله : هذاحديث المصريين ، في إشارة منه لتفرد المصريين بهذا الحديث ، بل إنه رواه منطريق علي بن ميمون الرقي عن خالد بن حيان عن سليمان بن عبد الله الزبرقانعن يعلى بن شداد بن أوس عن معاوية رضي الله عنه مرفوعا ، وأشار إلى غرابةهذا الطريق أيضا بقوله : هذا حديث الرقيين .
& ورغم نزول سنن ابن ماجةعن بقية الكتب الستة ، من حيث درجة الصحة ، إلا أنهوجد بالإستقراء ، أحاديث في سنن ابن ماجه، في أعلى درجات الصحة ، بلإنها تفوق بعض أحاديث صحيح البخاري،
ومن أبرز الأمثلة على ذلك :
¨ ما رواه ابن ماجة، في باب ما جاء إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلاالمكتوبة ، من طريق أبي مروان محمد بن عثمان العثماني عن إبراهيم عن سعد عنأبيه عن حفص بن عاصم عن عبد الله ابن مالك بن بحينة رضي الله عنه قال : مرالنبي صلى الله عليه وسلم برجل وقد أقيمت صلاة الصبح وهو يصلي فكلمه بشيءلا أدري ما هو ، فلما انصرف أحطنا به نقول : ماذا قال لك رسول الله صلىالله عليه وسلم ؟ ، قال : قال لي : يوشك أحدكم أن يصلي الفجر أربعا ، فهذاالحديث مروي في صحيح البخاريمن طريق عبد الرحمن عن بهز بن أسد عن شعبة عنسعد بن إبراهيم عن حفص بن عاصم قال : سمعت رجلا من الأزد يقال له مالك بنبحينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الحديث ، وإسناد البخاري،كما يقول الدكتور عبد العزيز عزت ، فيه خطآن :
§ الخطأ الأول : أن بحينة ، اسم والدة عبد الله وليست والدة مالك .
§ الخطأ الثاني : أن هذه الرواية عن عبد الله بن مالك رضي الله عنه الصحابيالمشهور ومالك ليس والده فإنه لم يتشرف بالإسلام ، ولا يعني هذا أن حديثالبخاري غير صحيح ، ولكنه ليس في أعلى درجات الصحة .
- وأيضاً ما رواه البخاري، في باب مناقب عثمان رضي الله عنه ، في سلسلة إقامة حدالشرب على الوليد بن عقبة رضي الله عنه : ثم دعا عليا فأمره أن يجلد فجلدهثمانين جلدة ، والثابت من الروايات أن الوليد رضي الله عنه جلد أربعين وليسثمانين ، كما ذكر ذلك الحافظفي الفتح ، ولم يذكر ابن ماجةفي روايتهللحديث عدد الجلدات التي جلد بها الوليد رضي الله عنه وبذلك لم ترد علىروايته ما ورد على رواية البخاري .
& نموذج من شدة تحري ابن ماجه-:
في باب وقت صلاة المغرب ، روى ابن ماجةمن طريق عياد بن العوام عن عمر بنابراهيم عن قتادة عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تزال أمتي على الفطرة …) الحديث ،وكتب بعده يقول : إنني سمعت هذا الحديث من محمد بن يحيى ، وكان أهل بغدادفي قلق إزاء هذا الحديث ، ولهذا ذهبت ومعي محمد بن يحيى عند ابن عياد بنالعوام فأخرج لنا أصل النسخة الموجودة عند والده فوجدنا فيها هذا الحديث ،وجدير بالذكر أن الأحنف بن قيسلم يثبت له سماع من العباس رضي الله عنه ،كما ذكر ذلك البخاري .
& قال الشيخ عبدالعزيز الراجحي في شرح سنن ابن ماجه : ((لقد كتبابن ماجةرحمه الله هذه المقدمة العظيمة، وقد اشتملت على مائتين وستة وستين حديثاً،وقد بدأ بأصول الدين، ثم بعد ذلك دخل في الفروع، فبدَأَ -على عادةالمؤلفين في العبادات- بالصلاة والزكاة والصوم والحج، ثم بعد ذلك دخل فيالمعاملات، لكنه بدأ بما يتعلق بالإيمان والتوحيد على طريقة المتقدمين كـالبخاريومسلموغيرهما، فهم يذكرون أولاً ما يتعلق بالتوحيد والعقيدة والإيمان والعلم،ثم بعد ذلك يدخلون في الفروع، ويبدءون بالصلاة، والصلاة أعظم الواجبات،وأعظم الفرائض بعد الإيمان والتوحيد، وبدأ بالطهارة لأن الطهارة شرط لصحةالصلاة. أما المتأخرون فإنهم اصطلحوا على أن تبدأ مؤلفاتهم بالطهارة، ويجعلونللتوحيد والإيمان كتباً خاصة، ولكن صنيع المتقدمين أحسن وأولى، كما فعلابن ماجة، حيث بدأ بالإيمان والتوحيد وأصول الدين، وبدأالبخاريبالوحي ثم الإيمان ثم العلم، ومسلمبدأ بكتاب الإيمان .. وهكذا. ولهذا قال الشيخمحمد بن عبد الوهابرحمة الله عليه: إن طريقة المتأخرين حصل فيها ضرر لكثير من الناس، فإنكثيراً من الناس يدرسون الفروع، وأحكام الفروع، ويبدءون بالطهارة والصلاةوالزكاة والصوم والحج، ثم المعاملات، وينسون ما يتعلق بالتوحيد والإيمان؛ولهذا ضعف كثير من الناس، فهم لا يعرفون التوحيد، وليس عندهم تحقيق، ولايعرف أحدهم الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية والأسماء والصفات؛بسبب أنه يقرأ كتب المتأخرين، والمتأخرون يبدءون كتبهم بكتاب الطهارةوالصلاة ولا يتكلمون عن التوحيد، اكتفاء بأن التوحيد والإيمان له كتب خاصة،وهذا حصل فيه ضرر لكثير من الناس، فطريقة المتقدمين أحسن، حيث يبدأ القارئوالمتعلم بما يتعلق بأصول الدين والتوحيد والإيمان، وإثبات الصفات لله عزوجل، والعلم، ثم بعد ذلك يدخل في أبواب الفروع، في الطهارة والصلاة ونحوذلك )) .
وقال أيضاً : ((وهذا الكتاب يمتاز عن غيره بميزتين: الميزة الأولى: المقدمة العظيمة التي ذكرها في أصول الدين والتوحيد وتعظيمالسنة، وذكر فيها ما يقارب من مائتين وسبعة وثلاثين حديثاً، وهذه المقدمةالعظيمة امتاز بها عن بقية أصحاب السنن، فإن سننأبي داودوسننالنسائيوسننالترمذيابتدأها أصحابها بذكر أحكام الطهارة، أماابن ماجهرحمه الله فإنه بدأ سننه بهذه المقدمة العظيمة كما فعل صاحبا الصحيحينالبخاريومسلمرحمهما الله؛ فإنالبخاريبدأ كتابه الجامع الصحيح بكتاب بدء الوحي، ثم بكتاب الإيمان، والإماممسلمافتتح كتابه بكتاب الإيمان، وابن ماجهافتتح بهذه المقدمة العظيمة، وهذه ميزة تميز بها، وهي مقدمة عظيمة تتعلقبالتوحيد وتعظيم السنة. الميزة الثانية: الأحاديث الضعيفة الكثيرة، وإذا علمها طالب العلم فإن هذايعتبر بالنسبة له علماً جماً يستفيده، فطالب العلم مستفيد من معرفةالأحاديث الموضوعة والضعيفة، فالأحاديث الضعيفة إذا كان الضعف فيها شديداًفلا يعتبر بها، ولا تقويها المتابعات والشواهد كما إذا كان في سنده متهمبالكذب. أما إذا لم يشتد الضعف فإن طالب العلم يبحث عنه، وإذا وجد للحديثمتابعاً أو شاهداً فإنه يتقوى ويرتقي إلى درجة الحسن لغيره ويعمل به.
يتبع :-والغالب أن الحديث الذي ينفرد بهابن ماجهرحمه الله عن بقية أصحاب السنن يكون ضعيفاً، وهو بين أمرين: إما أن يكونشديد الضعف، وهذا لا يعتد به، وإما أن يكون خفيف الضعف كأن يكون في سندهانقطاع أو مجهول أو راو مدلس، فإذا وجد له متابع أو شاهد يتقوى ويرتقي إلىدرجة الحسن لغيره فيعمل به )) .
& قال ابن طاهر: ولعمري إن كتاب أبي عبد الله ابن ماجه من نظر فيه علم مزية الرجل من حسنالترتيب، وغزارة الأبواب، وقلة الأحاديث، وترك التكرار، ولا يوجد فيه منالنوازل والمقاطيع والمراسيل والرواية عن المجروحين إلا قدر ما أشار إليهأبو زرعة، وهذا الكتاب وإن لم يشتهر عند أكثر الفقهاء، فإن له بالري وماوالاها شأن عظيم، عليه اعتمادهم، وله عندهم طرق كثيرة.
& ومن خلال استقراء وتتبع السن يتبين أن ما انفرد به ابن ماجه 1213 حديثاً بالمكرر , منها 98 حديثاً مما صح إسناده , ومنها 113 حديثاً صحيحة بالمتابعات , ومنها 219 تصح بالشواهد , ومنها 58 أسانيدها حسنة , ومنها 42 هي حسنة بالمتابعات , ومنها 65 حسنة بالشواهد , ومنها 6 محتملة للتحسين , ومنها 7 أوردها مرفوعة وصححت موقوفة , ومنها 4 مراسيل , ومنها 348 حديثاً كلها ضعاف , ومنها 148 حديثاً ضعيفة جداً , ومنها حديث واحد شاذ باللفظ الذي ساقه المصنف , ومنها 21 منكراً وموضوعاً , ومنها 11 لم نجزم بالحكم عليها .
-ويظهر من هذا الإحصاء أن مجموع الأحاديث الصحيحة والحسنة , لذاتها ولغيرها , التي انفرد بها ابن ماجه عن الكتب الخمسة بلغت 600 حديث , وهي تساوي نصف ما انفرد به تقريباً .
وهذه النتيجة من خلال الدراسة الدقيقة ترد على قول من قال أن كل ما انفرد به ابن ماجه عن الكتب الخمسة فهو ضعيف .
& قال ابن كثير : (( صاحب السنن المشهورة , وهي دالة على علمه وعمله , وتبحره وإطلاعه , وإتباعه للسنة في الأصول والفروع , ويشتمل على 32 كتاباً , وعلى 1500 باب , وعلى 4000 حديث كلها جياد سوى اليسيرة )) . البداية والنهاية
وقال : (( وهو كتاب مفيد قوي التبويب في الفقه )) . اختصار علوم الحديث
وقال ابن حجر : (( وكتابه السنن جامع جيد كثير الأبواب والغرائب )) .
وقال ابن حجر في النكت : (( كتاب ابن ماجه تفرد فيه بإخراج أحاديث عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الأحاديث وبعض تلك الأحاديث لا تعرف إلا من جهتهم مثل : حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك , والعلاء بن زيدل , وداود بن المحبر , وعبد الوهاب بن الضحاك , وإسماعيل بن زياد السكوني , وعبد السلام بن أبي الجنوب , وغيرهم ))
قال محمد مطر الزهراني في تدوين السنة : (( سنن ابن ماجه انحطت رتبته عن الخمسة لتساهله في أحاديث قوم من المجاهيل والمتهمين، بل وفيهم بعض الكذابين )) .
& قال الشيخ عبدالكريم الخضير في مقارنته بين الكتب الستة : ((يقول ابن الأثير: "كتابه كتاب مفيد قوي النفع في الفقه؛ لكن فيه أحاديث ضعيفة جداًبل منكرة"، فيه حديث موضوع في فضل قزوين، يقول: "حتى نقل عن الحافظ المزي أن الغالبفيما تفرد به الضعف، ولذا لم يضفه غير واحدٍ إلى الخمسة، بل جعلوا السادس الموطأ" وفي الكتاب من حسن الترتيب وسرد الأحاديث بالاختصار من غير تكرار، ليس في أحدٍ منالكتب )) .
- وقال أيضاً : ((وعلى كل حال فالكتاب ما زال بحاجة إلى خدمة، كتاب ابن ماجه لا زال بحاجةٍ إلى خدمة،تتجه أولاً إلى الأسانيد ودراستها دراسةً وافية لتمييز الثابت من غيره، ثم تشرحالأحاديث شرحاً وافياً مبسوطاً؛ لأن الكتاب كما تقدم ذكره جيد في السبك، حسنالترتيب، عالي الأسانيد )) .
& قال أبو زرعة لإبن ماجه:- (( لعله لايكون فيه تمام ثلاثين حديثاً مما في إسناده ضعف )) ,
- قال الذهبي معلقاً , في السير : (( قولأبي زرعة إن صح فإنما عنى بالثلاثين الأحاديث المطروحة الساقطة، وأما الأحاديث التيلا تقوم بها حجة فكثيرة، لعلها نحو الألف )) .
& قال الشيخ عبدالكريم الخضير: ((ابن ماجه -رحمه الله تعالى- كتابه سنن، يعني يُعنى بأحاديث الأحكام، لكنه قدم للكتاب بمقدمة شاملة وافية في بيان السنة، وأهمية السنة، والرد على المبتدعة )) وقال : ((وتراجمه مفيدة تدل على قوةٍ في فقهه )) .
قال د. سعد بن ناصر الشثري : ((وتراجم الإمام ابن ماجه على أنواع :
النوع الأول: ما ليس له علاقة مباشرة بالأحكام الشرعية ، ومن أمثلة ذلك : (باب في بدء الإيمان) ، و (باب في القدر).
النوع الثاني: التراجم التي تساق على جهة الاستفهام والسؤال ، مثل قوله : (باب الرجل يستيقظ من منامه هل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها ؟) ، و (باب الأرض يصيبها البول كيـف تغسـل؟) ، و (بـاب فـي الحـائـض كيـف تغتسل ؟) ، و (باب أين يجوز بناء المساجد ؟).
النوع الثالث : التراجم التي يفهم الحكم منها عند قرنها بما وضع تحتها مثل : (باب من سن سنة حسنة) ، و (باب تغطية الإناء) ، و(باب الاستنجاء بالحجارة) ، و (باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء) ، و(باب الوضوء بالنبيذ).
النوع الرابع: التراجم التي صرحت بالحكم منسوبا لقائل ، سواء كان هذا القائل معروفا أو ليس بمعروف ، مثل قوله : (باب من كره أن يوطأ عقباه) ، و (باب من دلك يده بالأرض بعد الاستنجاء) ، و (باب من كان لا يرفع يديه في القنوت) )) أ.هـ رسالة في آراء ابن ماجه الأصولية .
وكتم منهجه في كتابه أنه رتبه على كتب وأبواب , حيث يشتمل على مقدمة وعلى 37 كتابا , وعلى 1500 باب , تضم 4341 حديثاً , ومنها 3002 اشترك معه في تخريجها أصحاب الكتب الخمسة , وانفرد بتخريج 1329 حديثاً وهي الزوائد منها 428 حديث صحيح الإسناد , 119 حديث حسن الإسناد , وهذا ما أشار إليه ابن حجر بقوله (( أنه انفرد بأحاديث كثيرة صحيحة )) .
وقد أحسن ابن ماجه وأجاد حينما بدأ بباب أتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وساق فيه أدلة حجية السنة , ووجوب اتباعها والعمل بها . أ.هـ
& قال الذهبي : (( سنن أبي عبدالله كتاب حسن لولا ما كدره بأحاديث واهية ليست بالكثيرة )) .
& وقال ابن حجر : (( كتابه في السنن جامع جيد , كثير الأبواب والغرائب , وفيه أحاديث ضعيفة جداً حتى بلغني أن السري كان يقول : مهما انفرد بخبر فيه هو ضعيف غالباً . وليس الأمر على إطلاقه باستقرائي , وفي الجملة ففيه أحاديث منكرة , والله تعالى المستعان , ثم وجدت بخط الحافظ شمس الدين محمد بن علي الحسيني ما لفظه سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول كل ما انفرد به ابن ماجة فهو ضعيف يعني بذلك ما انفرد به من الحديث عن الائمة الخمسة انتهى ما وجدته بخطه ولهو القائل يعني وكلامه هو ظاهر كلام شيخه لكن حمله على الرجال أولى وأما حمله على احاديث فلا يصح )) أ.هـ في التهذيب .
& وقال ابن كثير: ((وقد حكى عن أبي زرعة الرازي أنه انتقد منها بضعة عشر حديثا ربما يقال إنها موضوعة أو منكرة جدا )) أ.هـ البداية والنهاية .
& هذا الكتاب من مميزاته التي ذكرت وحمدت له أنه حسن الترتيب ، وسرد الأحاديث فيه باختصار من غير تكرار .
قدموا سنن ابن ماجه ؛ لأنها متضمنة للحديث المرفوع ولجودة ترتيبها ولجودة سياقه للأحاديث واختصاره للمتون ، ولبعض الجوانب قدمت سنن ابن ماجه مع ما فيه من الأحاديث الضعيفة ، بل حتى الموضوعة ، ويذكر الحافظ الذهبي أن هذا هو الذي حطّ قيمة سنن ابن ماجه عن بقية الكتب الستة ، وإلا ففيها جوانب يمكن أن تفضل بها هذه السنن على غيرها.
& القول بأن كل ما انفرد به ابن ماجه رحمه الله فهو ضعيف من الخطأ الشائع في أوساط طلبة العلم وسبب ذلك عدم التحرير والتحليل العلمي لأقوال أهل العلم وعرضها على ميزان الواقع وسبب هذا الخطأ اعتماد بعض أهل العلم على قول المزي رحمه الله وغيره : ((كل ما انفرد به عن الخمسة[البخاري،مسلم،أبوداود،الترمذي،النسائي] فهو ضعيف ))
وقد فهموا من عبارة المزي أنه يريد ما انفرد به من الحديث وهو خطأ لا يمكن أن يقع فيه المزي وهو الخبير بسنن ابن ماجه حينما سبر أطرافها وضمنها في كتابه القيم (تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف) الذي رتب فيه أطراف الكتب الستة على أسماء الصحابة .
- وقد نبه الحافظ المحقق ابن حجر العسقلاني على ذلك الخطأ في فهم مراد المزي رحمه الله فقال في كتابه(تهذيب التهذيب9/531_532) : حمله على الرجال أولى وأما حمله على الأحاديث فلا يصح . انتهى
& وأيضاً هذه دراسة أخرى غير دراسة شعيب الأرنؤؤط السابقة , وإليك أخي هذه الدراسة التي قام بها الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي الذي قام بتحقيق كتاب ابن ماجه والحكم على أحاديثه فقد ذكر في آخر الجزء الثاني من تحقيقه ذاك في ص1519_1520 :
- أن ابن ماجه رحمه الله تعالى قد انفرد بـ1339حديثاً
- الصحيح منها 428حديثاً
- والحسن 199حديثاً
- أما الضعيف فبلغ 613حديثاً
- والواهي والمنكر والموضوع 99حديثاً
& تنبيه :-
ومن الأمور التي يحسن التنبيه عليها بالنسبة لسنن ابن ماجه أن بعض الناس يظن أن جميع الأحاديث المروية قي هذا الكتاب المطبوع المتداول بأيدي الناس من رواية ابن ماجه ، والحقيقة أن هناك بعض الزيادات التي زادها أبو الحسن القطان الذي هو الراوي للسنن عن ابن ماجه ، فقد زاد على كتاب ابن ماجه .
¨ ما رواه ابن ماجة، في باب ما جاء إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلاالمكتوبة ، من طريق أبي مروان محمد بن عثمان العثماني عن إبراهيم عن سعد عنأبيه عن حفص بن عاصم عن عبد الله ابن مالك بن بحينة رضي الله عنه قال : مرالنبي صلى الله عليه وسلم برجل وقد أقيمت صلاة الصبح وهو يصلي فكلمه بشيءلا أدري ما هو ، فلما انصرف أحطنا به نقول : ماذا قال لك رسول الله صلىالله عليه وسلم ؟ ، قال : قال لي : يوشك أحدكم أن يصلي الفجر أربعا ، فهذاالحديث مروي في صحيح البخاريمن طريق عبد الرحمن عن بهز بن أسد عن شعبة عنسعد بن إبراهيم عن حفص بن عاصم قال : سمعت رجلا من الأزد يقال له مالك بنبحينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الحديث ، وإسناد البخاري،كما يقول الدكتور عبد العزيز عزت ، فيه خطآن :
§ الخطأ الأول : أن بحينة ، اسم والدة عبد الله وليست والدة مالك .
§ الخطأ الثاني : أن هذه الرواية عن عبد الله بن مالك رضي الله عنه الصحابيالمشهور ومالك ليس والده فإنه لم يتشرف بالإسلام ، ولا يعني هذا أن حديثالبخاري غير صحيح ، ولكنه ليس في أعلى درجات الصحة .
- وأيضاً ما رواه البخاري، في باب مناقب عثمان رضي الله عنه ، في سلسلة إقامة حدالشرب على الوليد بن عقبة رضي الله عنه : ثم دعا عليا فأمره أن يجلد فجلدهثمانين جلدة ، والثابت من الروايات أن الوليد رضي الله عنه جلد أربعين وليسثمانين ، كما ذكر ذلك الحافظفي الفتح ، ولم يذكر ابن ماجةفي روايتهللحديث عدد الجلدات التي جلد بها الوليد رضي الله عنه وبذلك لم ترد علىروايته ما ورد على رواية البخاري .
& نموذج من شدة تحري ابن ماجه-:
في باب وقت صلاة المغرب ، روى ابن ماجةمن طريق عياد بن العوام عن عمر بنابراهيم عن قتادة عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تزال أمتي على الفطرة …) الحديث ،وكتب بعده يقول : إنني سمعت هذا الحديث من محمد بن يحيى ، وكان أهل بغدادفي قلق إزاء هذا الحديث ، ولهذا ذهبت ومعي محمد بن يحيى عند ابن عياد بنالعوام فأخرج لنا أصل النسخة الموجودة عند والده فوجدنا فيها هذا الحديث ،وجدير بالذكر أن الأحنف بن قيسلم يثبت له سماع من العباس رضي الله عنه ،كما ذكر ذلك البخاري .
& قال الشيخ عبدالعزيز الراجحي في شرح سنن ابن ماجه : ((لقد كتبابن ماجةرحمه الله هذه المقدمة العظيمة، وقد اشتملت على مائتين وستة وستين حديثاً،وقد بدأ بأصول الدين، ثم بعد ذلك دخل في الفروع، فبدَأَ -على عادةالمؤلفين في العبادات- بالصلاة والزكاة والصوم والحج، ثم بعد ذلك دخل فيالمعاملات، لكنه بدأ بما يتعلق بالإيمان والتوحيد على طريقة المتقدمين كـالبخاريومسلموغيرهما، فهم يذكرون أولاً ما يتعلق بالتوحيد والعقيدة والإيمان والعلم،ثم بعد ذلك يدخلون في الفروع، ويبدءون بالصلاة، والصلاة أعظم الواجبات،وأعظم الفرائض بعد الإيمان والتوحيد، وبدأ بالطهارة لأن الطهارة شرط لصحةالصلاة. أما المتأخرون فإنهم اصطلحوا على أن تبدأ مؤلفاتهم بالطهارة، ويجعلونللتوحيد والإيمان كتباً خاصة، ولكن صنيع المتقدمين أحسن وأولى، كما فعلابن ماجة، حيث بدأ بالإيمان والتوحيد وأصول الدين، وبدأالبخاريبالوحي ثم الإيمان ثم العلم، ومسلمبدأ بكتاب الإيمان .. وهكذا. ولهذا قال الشيخمحمد بن عبد الوهابرحمة الله عليه: إن طريقة المتأخرين حصل فيها ضرر لكثير من الناس، فإنكثيراً من الناس يدرسون الفروع، وأحكام الفروع، ويبدءون بالطهارة والصلاةوالزكاة والصوم والحج، ثم المعاملات، وينسون ما يتعلق بالتوحيد والإيمان؛ولهذا ضعف كثير من الناس، فهم لا يعرفون التوحيد، وليس عندهم تحقيق، ولايعرف أحدهم الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية والأسماء والصفات؛بسبب أنه يقرأ كتب المتأخرين، والمتأخرون يبدءون كتبهم بكتاب الطهارةوالصلاة ولا يتكلمون عن التوحيد، اكتفاء بأن التوحيد والإيمان له كتب خاصة،وهذا حصل فيه ضرر لكثير من الناس، فطريقة المتقدمين أحسن، حيث يبدأ القارئوالمتعلم بما يتعلق بأصول الدين والتوحيد والإيمان، وإثبات الصفات لله عزوجل، والعلم، ثم بعد ذلك يدخل في أبواب الفروع، في الطهارة والصلاة ونحوذلك )) .
وقال أيضاً : ((وهذا الكتاب يمتاز عن غيره بميزتين: الميزة الأولى: المقدمة العظيمة التي ذكرها في أصول الدين والتوحيد وتعظيمالسنة، وذكر فيها ما يقارب من مائتين وسبعة وثلاثين حديثاً، وهذه المقدمةالعظيمة امتاز بها عن بقية أصحاب السنن، فإن سننأبي داودوسننالنسائيوسننالترمذيابتدأها أصحابها بذكر أحكام الطهارة، أماابن ماجهرحمه الله فإنه بدأ سننه بهذه المقدمة العظيمة كما فعل صاحبا الصحيحينالبخاريومسلمرحمهما الله؛ فإنالبخاريبدأ كتابه الجامع الصحيح بكتاب بدء الوحي، ثم بكتاب الإيمان، والإماممسلمافتتح كتابه بكتاب الإيمان، وابن ماجهافتتح بهذه المقدمة العظيمة، وهذه ميزة تميز بها، وهي مقدمة عظيمة تتعلقبالتوحيد وتعظيم السنة. الميزة الثانية: الأحاديث الضعيفة الكثيرة، وإذا علمها طالب العلم فإن هذايعتبر بالنسبة له علماً جماً يستفيده، فطالب العلم مستفيد من معرفةالأحاديث الموضوعة والضعيفة، فالأحاديث الضعيفة إذا كان الضعف فيها شديداًفلا يعتبر بها، ولا تقويها المتابعات والشواهد كما إذا كان في سنده متهمبالكذب. أما إذا لم يشتد الضعف فإن طالب العلم يبحث عنه، وإذا وجد للحديثمتابعاً أو شاهداً فإنه يتقوى ويرتقي إلى درجة الحسن لغيره ويعمل به.
يتبع :-والغالب أن الحديث الذي ينفرد بهابن ماجهرحمه الله عن بقية أصحاب السنن يكون ضعيفاً، وهو بين أمرين: إما أن يكونشديد الضعف، وهذا لا يعتد به، وإما أن يكون خفيف الضعف كأن يكون في سندهانقطاع أو مجهول أو راو مدلس، فإذا وجد له متابع أو شاهد يتقوى ويرتقي إلىدرجة الحسن لغيره فيعمل به )) .
& قال ابن طاهر: ولعمري إن كتاب أبي عبد الله ابن ماجه من نظر فيه علم مزية الرجل من حسنالترتيب، وغزارة الأبواب، وقلة الأحاديث، وترك التكرار، ولا يوجد فيه منالنوازل والمقاطيع والمراسيل والرواية عن المجروحين إلا قدر ما أشار إليهأبو زرعة، وهذا الكتاب وإن لم يشتهر عند أكثر الفقهاء، فإن له بالري وماوالاها شأن عظيم، عليه اعتمادهم، وله عندهم طرق كثيرة.
& ومن خلال استقراء وتتبع السن يتبين أن ما انفرد به ابن ماجه 1213 حديثاً بالمكرر , منها 98 حديثاً مما صح إسناده , ومنها 113 حديثاً صحيحة بالمتابعات , ومنها 219 تصح بالشواهد , ومنها 58 أسانيدها حسنة , ومنها 42 هي حسنة بالمتابعات , ومنها 65 حسنة بالشواهد , ومنها 6 محتملة للتحسين , ومنها 7 أوردها مرفوعة وصححت موقوفة , ومنها 4 مراسيل , ومنها 348 حديثاً كلها ضعاف , ومنها 148 حديثاً ضعيفة جداً , ومنها حديث واحد شاذ باللفظ الذي ساقه المصنف , ومنها 21 منكراً وموضوعاً , ومنها 11 لم نجزم بالحكم عليها .
-ويظهر من هذا الإحصاء أن مجموع الأحاديث الصحيحة والحسنة , لذاتها ولغيرها , التي انفرد بها ابن ماجه عن الكتب الخمسة بلغت 600 حديث , وهي تساوي نصف ما انفرد به تقريباً .
وهذه النتيجة من خلال الدراسة الدقيقة ترد على قول من قال أن كل ما انفرد به ابن ماجه عن الكتب الخمسة فهو ضعيف .
& قال ابن كثير : (( صاحب السنن المشهورة , وهي دالة على علمه وعمله , وتبحره وإطلاعه , وإتباعه للسنة في الأصول والفروع , ويشتمل على 32 كتاباً , وعلى 1500 باب , وعلى 4000 حديث كلها جياد سوى اليسيرة )) . البداية والنهاية
وقال : (( وهو كتاب مفيد قوي التبويب في الفقه )) . اختصار علوم الحديث
وقال ابن حجر : (( وكتابه السنن جامع جيد كثير الأبواب والغرائب )) .
وقال ابن حجر في النكت : (( كتاب ابن ماجه تفرد فيه بإخراج أحاديث عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الأحاديث وبعض تلك الأحاديث لا تعرف إلا من جهتهم مثل : حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك , والعلاء بن زيدل , وداود بن المحبر , وعبد الوهاب بن الضحاك , وإسماعيل بن زياد السكوني , وعبد السلام بن أبي الجنوب , وغيرهم ))
قال محمد مطر الزهراني في تدوين السنة : (( سنن ابن ماجه انحطت رتبته عن الخمسة لتساهله في أحاديث قوم من المجاهيل والمتهمين، بل وفيهم بعض الكذابين )) .
& قال الشيخ عبدالكريم الخضير في مقارنته بين الكتب الستة : ((يقول ابن الأثير: "كتابه كتاب مفيد قوي النفع في الفقه؛ لكن فيه أحاديث ضعيفة جداًبل منكرة"، فيه حديث موضوع في فضل قزوين، يقول: "حتى نقل عن الحافظ المزي أن الغالبفيما تفرد به الضعف، ولذا لم يضفه غير واحدٍ إلى الخمسة، بل جعلوا السادس الموطأ" وفي الكتاب من حسن الترتيب وسرد الأحاديث بالاختصار من غير تكرار، ليس في أحدٍ منالكتب )) .
- وقال أيضاً : ((وعلى كل حال فالكتاب ما زال بحاجة إلى خدمة، كتاب ابن ماجه لا زال بحاجةٍ إلى خدمة،تتجه أولاً إلى الأسانيد ودراستها دراسةً وافية لتمييز الثابت من غيره، ثم تشرحالأحاديث شرحاً وافياً مبسوطاً؛ لأن الكتاب كما تقدم ذكره جيد في السبك، حسنالترتيب، عالي الأسانيد )) .
& قال أبو زرعة لإبن ماجه:- (( لعله لايكون فيه تمام ثلاثين حديثاً مما في إسناده ضعف )) ,
- قال الذهبي معلقاً , في السير : (( قولأبي زرعة إن صح فإنما عنى بالثلاثين الأحاديث المطروحة الساقطة، وأما الأحاديث التيلا تقوم بها حجة فكثيرة، لعلها نحو الألف )) .
& قال الشيخ عبدالكريم الخضير: ((ابن ماجه -رحمه الله تعالى- كتابه سنن، يعني يُعنى بأحاديث الأحكام، لكنه قدم للكتاب بمقدمة شاملة وافية في بيان السنة، وأهمية السنة، والرد على المبتدعة )) وقال : ((وتراجمه مفيدة تدل على قوةٍ في فقهه )) .
قال د. سعد بن ناصر الشثري : ((وتراجم الإمام ابن ماجه على أنواع :
النوع الأول: ما ليس له علاقة مباشرة بالأحكام الشرعية ، ومن أمثلة ذلك : (باب في بدء الإيمان) ، و (باب في القدر).
النوع الثاني: التراجم التي تساق على جهة الاستفهام والسؤال ، مثل قوله : (باب الرجل يستيقظ من منامه هل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها ؟) ، و (باب الأرض يصيبها البول كيـف تغسـل؟) ، و (بـاب فـي الحـائـض كيـف تغتسل ؟) ، و (باب أين يجوز بناء المساجد ؟).
النوع الثالث : التراجم التي يفهم الحكم منها عند قرنها بما وضع تحتها مثل : (باب من سن سنة حسنة) ، و (باب تغطية الإناء) ، و(باب الاستنجاء بالحجارة) ، و (باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء) ، و(باب الوضوء بالنبيذ).
النوع الرابع: التراجم التي صرحت بالحكم منسوبا لقائل ، سواء كان هذا القائل معروفا أو ليس بمعروف ، مثل قوله : (باب من كره أن يوطأ عقباه) ، و (باب من دلك يده بالأرض بعد الاستنجاء) ، و (باب من كان لا يرفع يديه في القنوت) )) أ.هـ رسالة في آراء ابن ماجه الأصولية .
وكتم منهجه في كتابه أنه رتبه على كتب وأبواب , حيث يشتمل على مقدمة وعلى 37 كتابا , وعلى 1500 باب , تضم 4341 حديثاً , ومنها 3002 اشترك معه في تخريجها أصحاب الكتب الخمسة , وانفرد بتخريج 1329 حديثاً وهي الزوائد منها 428 حديث صحيح الإسناد , 119 حديث حسن الإسناد , وهذا ما أشار إليه ابن حجر بقوله (( أنه انفرد بأحاديث كثيرة صحيحة )) .
وقد أحسن ابن ماجه وأجاد حينما بدأ بباب أتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وساق فيه أدلة حجية السنة , ووجوب اتباعها والعمل بها . أ.هـ
& قال الذهبي : (( سنن أبي عبدالله كتاب حسن لولا ما كدره بأحاديث واهية ليست بالكثيرة )) .
& وقال ابن حجر : (( كتابه في السنن جامع جيد , كثير الأبواب والغرائب , وفيه أحاديث ضعيفة جداً حتى بلغني أن السري كان يقول : مهما انفرد بخبر فيه هو ضعيف غالباً . وليس الأمر على إطلاقه باستقرائي , وفي الجملة ففيه أحاديث منكرة , والله تعالى المستعان , ثم وجدت بخط الحافظ شمس الدين محمد بن علي الحسيني ما لفظه سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول كل ما انفرد به ابن ماجة فهو ضعيف يعني بذلك ما انفرد به من الحديث عن الائمة الخمسة انتهى ما وجدته بخطه ولهو القائل يعني وكلامه هو ظاهر كلام شيخه لكن حمله على الرجال أولى وأما حمله على احاديث فلا يصح )) أ.هـ في التهذيب .
& وقال ابن كثير: ((وقد حكى عن أبي زرعة الرازي أنه انتقد منها بضعة عشر حديثا ربما يقال إنها موضوعة أو منكرة جدا )) أ.هـ البداية والنهاية .
& هذا الكتاب من مميزاته التي ذكرت وحمدت له أنه حسن الترتيب ، وسرد الأحاديث فيه باختصار من غير تكرار .
قدموا سنن ابن ماجه ؛ لأنها متضمنة للحديث المرفوع ولجودة ترتيبها ولجودة سياقه للأحاديث واختصاره للمتون ، ولبعض الجوانب قدمت سنن ابن ماجه مع ما فيه من الأحاديث الضعيفة ، بل حتى الموضوعة ، ويذكر الحافظ الذهبي أن هذا هو الذي حطّ قيمة سنن ابن ماجه عن بقية الكتب الستة ، وإلا ففيها جوانب يمكن أن تفضل بها هذه السنن على غيرها.
& القول بأن كل ما انفرد به ابن ماجه رحمه الله فهو ضعيف من الخطأ الشائع في أوساط طلبة العلم وسبب ذلك عدم التحرير والتحليل العلمي لأقوال أهل العلم وعرضها على ميزان الواقع وسبب هذا الخطأ اعتماد بعض أهل العلم على قول المزي رحمه الله وغيره : ((كل ما انفرد به عن الخمسة[البخاري،مسلم،أبوداود،الترمذي،النسائي] فهو ضعيف ))
وقد فهموا من عبارة المزي أنه يريد ما انفرد به من الحديث وهو خطأ لا يمكن أن يقع فيه المزي وهو الخبير بسنن ابن ماجه حينما سبر أطرافها وضمنها في كتابه القيم (تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف) الذي رتب فيه أطراف الكتب الستة على أسماء الصحابة .
- وقد نبه الحافظ المحقق ابن حجر العسقلاني على ذلك الخطأ في فهم مراد المزي رحمه الله فقال في كتابه(تهذيب التهذيب9/531_532) : حمله على الرجال أولى وأما حمله على الأحاديث فلا يصح . انتهى
& وأيضاً هذه دراسة أخرى غير دراسة شعيب الأرنؤؤط السابقة , وإليك أخي هذه الدراسة التي قام بها الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي الذي قام بتحقيق كتاب ابن ماجه والحكم على أحاديثه فقد ذكر في آخر الجزء الثاني من تحقيقه ذاك في ص1519_1520 :
- أن ابن ماجه رحمه الله تعالى قد انفرد بـ1339حديثاً
- الصحيح منها 428حديثاً
- والحسن 199حديثاً
- أما الضعيف فبلغ 613حديثاً
- والواهي والمنكر والموضوع 99حديثاً
& تنبيه :-
ومن الأمور التي يحسن التنبيه عليها بالنسبة لسنن ابن ماجه أن بعض الناس يظن أن جميع الأحاديث المروية قي هذا الكتاب المطبوع المتداول بأيدي الناس من رواية ابن ماجه ، والحقيقة أن هناك بعض الزيادات التي زادها أبو الحسن القطان الذي هو الراوي للسنن عن ابن ماجه ، فقد زاد على كتاب ابن ماجه .